التوطئة . الفصل 0
بسم الله الرحمن الرحيم
نحن نوابَ الشعب التونسي، أعضاءَ المجلس الوطني التأسيسي، المنتخَبين باستحقاقِ ثورة الحرية والكرامة والعدالة:
اعتزازا بنضالات شعبنا، واستجابةً لأهداف الثورة التي توّجت ملحمةَ التحرّر من الاستعمار والاستبداد، وحقّقت انتصارا لإرادته الحرّة، ووفاءً للشهداء وتضحيات التونسيين على مرّ الأجيال، وفي سبيل القطع النهائي مع الظلم والفساد والحيف
وتأسيسا على ثوابت الإسلام ومقاصده المتّسمة بالتفتّح والاعتدال، وعلى القيم الإنسانية السامية ومبادئ حقوق الإنسان، واستلهاما من المخزون الحضاري للشعب التونسي على تعاقب أحقاب تاريخه، ومن حركته الإصلاحية المستندة إلى مقوّمات هويته العربية الإسلامية وإلى الكسب الحضاري الإنساني العامّ، وتمسّكا بما حقّقه شعبنا من المكاسب الوطنية
ومن أجل بناء نظام جمهوري ديموقراطي تشاركي، تكون فيه الدولة مدنيةً تقوم على المؤسسات، وتتحقق فيها السيادة للشعب على أساس التداول السلمي على الحكم عبر الانتخابات الحرة، وعلى مبدإ الفصل بين السلط والتوازن بينها، ويكون فيه حقُّ التنظّم القائم على التعددية، وحيادُ الإدارة، والحوكمةُ الرشيدةُ هي أساسَ التدافع السياسي، ويقوم فيه الحكم على احترام حقوق الإنسان وحرياته، وعلى علوية القانون، واستقلالية القضاء، والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين والمواطنات، وبين كلّ الفئات والجهات
وبناء على منزلة الإنسان كائنا مكرّما، وتوثيقا لانتمائنا الثقافي والحضاري للأمّة العربية والإسلامية انطلاقا من الوحدة الوطنية القائمة على المواطنة والأخوّة والتكافل الاجتماعي، وعملا على إقامة الوحدة المغاربية خطوةً نحو تحقيق الوحدة العربية، ونحو التكامل مع الشعوب الإسلامية، والشعوب الإفريقية، والتعاون مع شعوب العالم، وانتصارا للمظلومين في كلّ مكان، ولحقّ الشعوب في تقرير مصيرها، ولحركات التحرّر العادلة وعلى رأسها حركة التحرّر الفلسطيني
ودعما لإرادة الشعب في أن يكون صانعا لتاريخه، مؤمنا بالعمل قيمةً إنسانية سامية، ساعيا إلى الريادة، متطلعا إلى الإضافة الحضارية في تعامل مع البيئة بالرفق الذي يضمن للأجيال القادمة استمرارية الحياة الآمنة في مستقبل أفضل، وعلى أساس من السلم والتضامن الإنساني واستقلال القرار الوطني
فإننا باسم الشعب نرسم على بركة الله هذا الدستور.