جلسة عامة: مواصلة مناقشة الدّستور فصلا فصلا
انعقدت الجلسة العامّة صباح اليوم على السّاعة الثّانية عشر بعد اجتماع لجنة التّوافقات على أساس أن يتمّ مواصلة النّظر و مناقشة ما تبقّى من فصول الباب الأوّل من الدّستور، أي المبادئ العامّة، و المرور إلى ما بعده على أن تنعقد جلسة ليليّة مخصّصة للتّصويت على أعضاء الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات.
إلاّ أنّ رئيس المجلس استهلّ الجلسة بالتطّرق إلى التّهديدات الجدّية بالقتل التّي تلقّاها النّائب منجي الرّحوي إثر تصريح النّائب الحبيب اللّوز على موجات اذاعة خاصّة أين اعتبر أنّ النّائب الحبيب اللّوز معادي للإسلام.
و قد تدخّل نوّاب عدّة في هذا السّياق للتّنديد بما صدر عن الحبيب اللّوز، أوّلهم سمير الطّيب الذّي طالب بأن يغادر هذا الأخير و إلاّ سيغادرون الجلسة، ثمّ منجي الرّحوي ليؤكّد على جدّية التّهديدات التّي تلقّاها. و دعى الصّحبي عتيق إلى ضبط النّفس و أكّد أن ما صدر عن النّائب بكتلته لا يلزم إلاّ شخصه و لا تتبنّاه لا كتلة حركة النّهضة و لا الحزب.
كما ندّد مولدي الرّياحي بهذه التّصريحات، و طالب هيثم بلقاسم الحبيب اللّوز بأن يقدّم اعتذاراته و نادى بالرّجوع إلى مقترح سهير الدّردوري الصّادر البارحة حول الفصل 6 من الدّستور القاضي باضافة المنع المطلق لكلّ اشكال التكفير والتحريض على الكراهية والعنف.
ثمّ تدخّل الحبيب اللّوز ليبيّن أن ما صدر عنه تمّ اخراجه من سياقه و لم يقدّم اعتذارات صريحة، ممّا دفع المنجي الرّحوي إلى التّصريح مجدّدا على التّهديدات، و على وقعها على عائلته و حياته الشّخصيّة، و أكّد تمسّكه بدينه و أن لا أحد وصيّ على الدّين صلب المجلس أو خارجه.
رفع مصطفى بن جعفر الجلسة إثر ذلك لمدّة عشر دقائق، و عند الاستئناف تدخّل الحبيب اللّوز ليقدّم اعتذاره لمنجي الرّحوي، اعتذار اعتبره مهدي بن غربيّة في تدخلّه غير صريح و طلب من رئيس المجلس باتّخاذ التّدابير اللاّزمة تجاهه و فتح تحقيق في الغرض، كما طالب بتفعيل الفصل 93 من النّظام الدّاخلي و اعتماد مقترح سهير الدّردوري حول الفصل 6 من الدّستور.
و قد طلب مصطفى بن جعفر من المقرّر العامّ الرّجوع لمقترح سهير الدّردوري حول الفصل 6 بمقتضى الفصل 93 من النّظام الدّاخلي الذّي يسمح ذلك، لكن هذا الأخير رفض و طلب أن يتوافق رؤساء الكتل صراحة على ذلك، لكي لا يحدث ما حدث حول مقترح الفاضل موسى حول الانتماء المتوسّطي لتونس، أين توافق رؤساء الكتل على العودة إليه، ثمّ جدّت اضطرابات حين حصل ذلك في الجلسة العامّة أين اتّهم المقترحون للعودة بالاعتراف الضّمني بالصّهيونيّة.
هذا و سانده الصّحبي عتيق في ذلك معتبرا أنّه يجب درس المقترح و التّوافق، و قد تعهّد مصطفى بن جعفر بدرس المقترح ابتداء من السّاعة الثّانية قبل استئناف الجلسة على السّاعة الثّالثة. و رفعت الجلسة للغداء و التّشاور مع رؤساء الكتل.
استأنفت الجلسة العامّة أعمالها بعد السّاعة الثّامنة ليلا، و قد استهلّت أشغالها بالتّصويت على تعديل الفصل السّادس للدّستور، و هو تعديل توافقي تمّ التّوصّل إليه بمقتضى الفصل 93 من النّظام الدّاخلي، إثر اجتماع نظّم بعد جلسة اليوم الصّباحيّة.
و قد أثار هذا التّعديل جدلا لدى النّواب الغير منتمين للكتل الذّين اعتبروا أنّه لم تتمّ استشارتهم حول هذا التّعديل، و طالبوا بحقّهم في التّدخّل حول هذا الفصل.
و اعتبر أيمن الزّواغي أنّ هذا التّعديل يقود إلى الحكم على الإيمان و النّوايا، كما اعتبر ابراهيم الحامدي أنّه لا يمكن التّصويت على هذا الفصل من قبل السّياسيّين، لكن يجب استشارة الفقهاء في الميدان. و تدخّل حسن الرّضواني معتبرا أنّ الشّعب التّونسي يريد الفصل في المشاكل السّياسيّة عبر صناديق الاقتراع.
و لقد تمّت المصادقة على التّعديل بـ131 مع، مقابل 20 تحفّظ و 25 صوت ضدّ، كما تمّت المصادقة على الفصل في صيغته المعدّلة بـ131 صوت مع، 28 تحفّظ و 23 صوت ضدّ. و هذا هو نصّ الفصل السّادس بعد تعديله:
"الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي.
يحجّر التّكفير و التّحريض على العنف"
و قد نادى العديد من النّواب الغير المنتمين إلى تفعيل الفصل 93 من النّظام الدّاخلي أيضا في خصوص الفصل 12، فقد صرّح اسكندر بوعلاّقي أنّه هناك عريضة تمّ تمريرها من قبل النّواب المستقليّن للرّجوع إلى مقترح أنور مرزوقي، فصرّح الحبيب خذر أنّه لم يتلقّى هذه العريضة و تمّ طلب توافق رؤساء الكتل على هذا الرّجوع للفصل، و بعد اضطراب دام دقائق و رفع الجلسة لمدّة قصيرة، توصّل النّواب المستقلّون إلى حلّ يقضي بالعودة إلى الفصل 12 في أوّل جلسة عامّة قادمة مخصّصة لمناقشة الدّستور فصلا فصلا.
إثر ذلك، تمّ مواصلة النّظر في فصول الباب الأوّل أي الفصول 16، 17، 18 و 19 التّي مثّلت محلّ توافق صلب لجنة التّوافقات، و إليكم نصوصها.
الفصل 16 : "تحتكر الدولة إنشاء القوات المسلحة، وقوات الأمن الوطني، ويكون ذلك بمقتضى القانون ولخدمة الصالح العام."
الفصل 17: "الجيش الوطني جيش جمهوري وهو قوة عسكرية مسلحة قائمة على الانضباط، مؤلفة ومنظمة هيكليا طبق القانون، ويضطلع بواجب الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة ترابه، وهو ملزم بالحياد التام. ويدعم الجيش الوطني السلطات المدنية وفق ما يضبطه القانون."
الفصل 18: "الأمن الوطني أمن جمهوري قواته مكلفة بحفظ الأمن، والنظام العام، وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات، وإنفاذ القانون، في كنف احترام الحريات وفي إطار الحياد التامّ."
الفصل 19: "المعاهدات الموافق عليها من قبل المجلس النيابي والمصادق عليها، أعلى من القوانين وأدنى من الدستور."
هذا و تجدر الاشارة أنّه خلال عمليّة التّصويت على هذه الفصول طرأ خلل تقني تمثّل في عدم ظهور أصوات النّواب خلال عمليّة التّصويت على الشّاشة، و قد تمّ تلافي هذا الاشكال باجراء عمليّة تصويت بيضاء، و اعادة تشغيل برنامج التّصويت من جديد، و قد صرّح النّائب ضمير المنّاعي أنّه يمكن أن يكون هناك خلل في عرض النّتائج، لكنّ نتائج التّصويت صحيحة و عمليّة التّصويت يمكن تتبّعها.
و اثر انتهاء التّصويت، صرّح الحبيب خذر أنّه تبّقت ثلاث مقترحات اضافة فصل صلب الباب الأوّل، و أنّه لم يتلقّى بعد العريضة المتعلّقة بالفصل 12 و ممضاة من قبل رؤساء الكتل.
فرفعت محرزيّة العبيدي الجلسة لمدّة ثلاثين دقيقة بعد أن دعت لجنة الفرز للاجتماع، على أن تستأنف الجلسة بالتّصويت على أعضاء الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.